كنسية مريم المجدلية فلسطين هي بلا شك تحفة معمارية مقدسة، يكفي أن ترى صورها على الإنترنت لتنبهر أشد الإنبهار بتلك التحفة، وتعتبر الكنيسة من أجمل مواقع العبادة في الأراضي المقدسة حيث تقع على المنحدرات الغربية لجبل الزيتون في القدس، وتتوسط حديقة الجسمانية، وما ميز الكنيسة هو تصميمها المعماري الروسي التقليدي، حيث تعلوها سبع قباب ذهبية تأخذ شكل البصل، مما يجعلها لافتة للنظر بين المباني التاريخية في القدس.
قصة وتاريخ كنسية مريم المجدلية فلسطين
بنيت هذه الكنيسة عام 1888 بأمر من القيصر الروسي ألكسندر الثالث تخليدًا لذكرى والدته الإمبراطورة ماريا ألكسندروفنا، وصممها ديفيد غريم على غرار طراز الكنائس الروسية آنذاك وبنيت تحت إشراف وتوجيه الأرشمندريت أنتونين وفي حفلة تدشينها حضر الأمير سيرجي الإكسندروفيتش وزجته الدوقة إليزابيث فيودوروفنا والتي ذهلت من جمال المكان حتى تمنت أن تدفن وتموت فيها فقالت “آه لو كان من الممكن أن أدفن هنا بعد أن أموت”
وقد تلك الرحلة إلى الأراضي المقدسة وزيارة الكنيسة الدافع الذي جعل الدوقة تعتنق مذهب الأورثوذكسي، وبدأت من هنا علاقتها الخالدة والمميزة مع تلك الكنيسة، وبعد وفاة زوجها باعت الدوقة كل ممتلكاتها وكرست حياتها للعمل الديني حتى أعدمت مع راهبة مخلصة تدعى باربرا ياكوفلفا أثر الثورة البلشفية، وفي عام 1921 تحققت أمنية الدوقة ونقل رفاتها مع الراهبة ليدفن تحت أقواس كنسية مريم المجدلية فلسطين، حتى تم تطويبهن كقديسات شهيدات ونقل رفاتهن إلى الجزء الرئيسي من الكنيسة وترقد القديستين إلى يومنا هذا في أضرحة من رخام.
لماذا سميت كنيسة مريم المجدلية بهذا الإسم؟
الكنيسة مُكرسة لتكريم القديسة مريم المجدلية، ولتكون مريم شفيعةً لماريا ألكسندروفنا وتُعد مريم المجدلية من أهم النساء في تاريخ المسيحية، كانت من تلميذات السيد المسيح المقربات، عرفت بإخلاصها وإيمانها العميق به، تميزت مريم المجدلية بحضورها القوي في أكثر اللحظات تأثيرًا في حياة المسيح حسب المعتقد المسيحي؛ فقد كانت شاهدة على صلبه، وكانت أول من بشر بقيامة المسيح و رأت القيامة في فجر اليوم الثالث، وهو ما جعل القديس الأكويني يصفها بـ”رسولة الرسل“.
قصة مريم المجدلية تبدأ عندما التقت بالمسيح، إذ ورد في الأناجيل أنه طهرها من “سبعة أرواح شريرة“، ومنذ تلك اللحظة أصبحت من أتباعه المخلصين و اتبعت المسيح في رحلاته وخدمت رسالته، لا بالقول فقط، بل بالفعل، حيث كانت ترافقه وتدعمه، وتعرضت شخصيتها لكثير من التفسيرات، أحيانًا بوصفها رمزًا للتوبة وأحيانًا رمزًا للتحرر الروحي.
ما الذي يميز كنسية مريم المجدلية فلسطين؟
تعتبر مقصدًا للزوار والحجاج من مختلف أنحاء العالم، حيث تستقبل هذه الكنيسة أعداداً لاسيما من روسيا ورومانيا وأوروبا، ويوجد حول الكنيسة أربعون ديراً مكرساً كما تخدم بعثة الكنيسة الروسية أبناء الشعب الفلسطيني ككل، وما يميز الكنيسة ليس فقط التصميم العمراني المذهل المبني على أسس المعمار الروسي، بل بها الكثير من التحف الأثرية والتاريخية بجانب أهميتها الروحية والدينية لعديد من الناس، وفيها رسم الفنان إيفانوف أجمل أعمال وهي صورة مريم المجدلية وهي تشكو للإمبراطور الروماني تيبيريوس عن صلب المسيح، وتحمل القديسة مريم في يدها اليمنى بيضة حمراء تمثل إعادة البعث والحياة الخالدة.
وعلى يمين تلك اللوحة صندوق خشبي يحوي على رفات القديسين والشهداء و مرصع بواحدة من أجمل المنحوتات ويعتقد أن أحد هذه المنحوتات يعود أصله القديسة، أما على يسار اللوحة نوجد الأيقونة المعجزة للسيدة مريم العذراء، وتحتوي الكنيسة على الكثير من الآثار والتحف التي أبهرت زائريها سواء من الخارج أو الداخل.
نجد كنسية مريم المجدلية فلسطين أنها تمثل جسرًا يربط بين الإيمان والتاريخ بتصميمها الفريد وموقعها المهيب على جبل الزيتون، تجسد الكنيسة مكانًا للروحانية والسكينة، حيث يتلاقى الزوار من كل بقاع الأرض ليستمتعوا ويشهدوا تلك التحفة التاريخية والدينية.